إلى صاحب الهش والقش.. ومن والاه

سلام تام وبعد، 
          إنه ليؤسفني أن أعرب لك عن استيائي من كلامك الركيك، وادعائك للفصاحة والنصاحة، فربما قد خيل إليك أنك اخذت العربية من  مَعينها ومظانِّها من سكان البدو وأكلة الضباب، فإن كان الأمر كذلك فأنت واهم .فكما اضمحل الفعل السياسي في عهدكم، فقد تحطمت اللغة العربية على أعتابكم. ولو كان سيبويه بين ظهرانينا لغير رأيه في المسألة الزنبورية، ولمات حزنا وكمدا من هول ما سيسمع.
          حينما خرجت علينا في الوهلة الأولى، وأنت تتشدق وتتنطع، اعتقدنا أنها مجرد لوثة عابرة، أو محاولة لفت للانتباه، بعد أن زهد الناس في السياسة واعرضوا عنها لما خبروا من رداءتها وبؤسها، واستيقنت نفوسهم بطبيعتها الممجوجة المقيتة .فما كان منك إلا أن نهجت أسلوب الشو والبوز على غرار أصحاب الانستقرام والتيك توك، حتى تحظى بنصيب من المشاهدات، ولا ينساك الناس من صالح اللايكات. أم هي بالأحرى وسيلة إلهاء الجماهير بالسقيم من الألفاظ ولحن القول  حتى يشيحوا ولو للحظات عن قضاياهم الحقيقية، تطبيقا لنظرية تشومسكي. فإن كانت السياسة هي فن تدبير الممكن، فأنت ممن يثبت أن فن السياسة أصبح هو الآخر عفنا، بعدما طالها من المسخ ما طال باقي الفنون.
وأحيطك علما أن صنعة السياسة لم تعد لغزا او أمرا نخبويا، وأن الوعي السياسي قد ارتفع منسوبه حتى أصبح يتحدث بها الناسك قبل الفاتك، وأن الأفهام تتنامى في إطراد مستمر. فإن سألت أي مواطن عادي ( أو مواطن لامدا كما يحلو للبعض تسميته) ستدرك آنذاك أن الهوة سحيقة بينكم وبين الشعب، فهو سابق لزمانه في النباهة و يدرك جيدا مواطن الخلل.
           وأزيدك من الشعر بيتا، فقد استأنست نفسك للاستواء جلوسا في قبة البرلمان، المؤسسة العتيدة التي كان من شأنها إيصال صوت المواطن، وتشريع القوانين وسن المعايير، فإذا بأناس يتفرجون ويستمتعون باللغط وما تيسر من الهرج والمرج المباح، أو ينهمكون في هواتفهم وما حملته أيديهم، أو يغطون في سبات عميق عملا بقول الشاعر: ناموا ولا تستيقظوا. ما فاز إلا النوم. فإن تكلموا تراشقوا بالكلام البذيء والعبارات الخادشة، فإلى متى تستباح حرمة المكان وقدسيته. 
         ولما فتحت فاك منذ أيام، تفوهت بكلام خارج عن السياق تماما. فليتك أتحفتنا بسكوتك أو نمت كغيرك فأرحت واسترحت، فقد قيل قديما: نوم الظالم عبادة. كيف سمحت لنفسك يا صاحب الشأشأة والهرطقة، أن تستشهد بشعر أعشى قيس، وهو يهيم بالحانات، وقد تحدث عن الحانوت وهو محل لبيع الخمر، وعن الشاو المشل الشلول الشلشل الشول، في إشارة إلى شواء اللحم، والمشتغلين به والأدوات التي يعملون بها. هذا رجل يعاقر الخمر ويأكل اللحم ويتشبب بالقيان الحسان، تناظره بمواطن قهره الغلاء ،لا يكاد اللحم يجد طريقا إلى معدته، وقد أثقلت ديون الحانوت" البقال " كاهله، وأعيته حيل مواجهة الغلاء بالاستعناء. فلطفا احترموا ذكاء المغاربة وارحمونا من غبائكم.
        وفي الختام، وبعد تقبل الاحترام، يا ساسة آخر زمن لا نريد تأجيلا، و نسألكم الرحيلا.
كتبت فدوى المصباحي


إلى صاحب الهش والقش.. ومن والاه إلى صاحب الهش والقش.. ومن والاه بواسطة ici larache on مايو 18, 2022 Rating: 5

ليست هناك تعليقات

مدون محترف

[العاب][videos]